ربيعة" الجزائرية تواجه فشل زواجها.. بمناصرة المطلقات
الجزائر- أميمة أحمد
أخفقت في الزواج مرتين قبل أن تبلغ الثلاثين من عمرها، لكنها لم تستسلم لنظرة الأهل والمجتمع القاسية للمطلقات، واستطاعت أن تبدأ مرحلةً جديدةً من حياتها مفعمةً بالأمل ومزدحمة بالدراسة والعمل، حتى صارت محامية شهيرة تدافع عن حقوق المطلقات بأجور بسيطة.
إنها السيدة الجزائرية ربيعة التي تزوجت لأول مرة وهي ابنة سبعة عشر عامًا دون أن تحصل على شهادة البكالوريا، لكن هذا الزواج لم يستمر كثيرًا بسبب مشكلاتها مع أهل زوجها رغم أنها أنجبت طفلين.
ولم يمر وقت طويل على نهاية هذا الزواج بالطلاق، حتى خاضت ربيعة تجربة زواج أخرى مع مديرها في العمل الذي التحقت به، إلا أنها لم تكن أسعد حظًا من سابقتها، حيث انتهت بالطلاق أيضًا وبطفلين آخرين.
هاتان التجربتان المريرتان لم تمنعا ربيعة الأم لأربعة أطفال في حضانتها من مواصلة الحياة، خاصةً وأنها لم تبلغ الثلاثين من عمرها، فلقد رسمت لنفسها طريقًا جديدًا، كانت بدايته تجاوز الماضي أولاً والتخلص من آثاره النفسية.
تجاوز المحنة
وحول هذا التجربة تقول ربيعة الجزائرية لصفحة الأمل في mbc.net: "لا أخفيكم سرًّا أن الطلاق كان محنة بالنسبة لي، خاصةً ومعي أربعة أبناء، طبعًا شعرت بالإحباط واليأس، حتى أهلي كنت أتحاشى نظراتهم المتهمة لي بأني زوجة فاشلة، فما بالكم بنظرة المجتمع، كانت نظرة الجيران أقسى ويسمعونني كلامًا تلميحًا حينًا ومباشرًا حينًا آخر، لكن تجاوزت هذه الظروف بالصبر والإرادة والاعتماد على نفسي".
غير أن أهم هذه العوامل التي ساعدت ربيعة على تجاوز هذا الوضع الجديد، هو أنها استأنفت الدراسة من جديد، فخاضت امتحانات البكالوريا بنجاح، لتلتحق بكلية الحقوق.
وعقب تخرجها عملت كمتدربة عند أحد المحامين، ولم يدم هذا الحال طويلاً حتى صار لها مكتبًا خاصًا، تدافع من خلاله عن قضايا المطلقات خاصةً، بأتعاب بسيطة، الأمر الذي جعله يلقى إقبالاً واسعًا.
وتقول ربيعة:" كنت أضع نفسي مكان أي امرأة سواء طلقها زوجها تعسفًا أو طلبت الطلاق، فأصبحت معروفة بقضايا الأحوال الشخصية، ومحل ثقة الموكلين".
وبعد هذا المشوار تؤكد ربيعة التي بلغت الآن الثانية والأربعين من عمرها:"الحمد لله لما وصلت إليه، فبالعزيمة والتوكل على الله يتجاوز الإنسان أي محنة.. ولم أشعر يومًا أن طلاقي مرتين له أي تأثير سواء في حياتي المهنية أو الخاصة، وأبنائي نجحوا في دراستهم، لدرجة أني أصبحت مضرب المثل بالحي وبين العائلة في حسن تربية أولادي والعمل كمحامية أدافع عن المرأة حتى حققت مكانة اجتماعية".
وردًا على سؤالٍ حول إذا ما كانت ربيعة تنوي الزواج مرة أخرى؟ تضحك قائلة: "الزواج حلله الله، وعدم توفيقي سابقًا لا يلغي حقي الشرعي بالزواج، بالتأكيد لو وجدت الإنسان المناسب لن أتأخر، فالأولاد كبروا، ومصيرهم يتزوجوا"
ملايين المطلقات
قصة ربيعة تعكس معاناة ملايين المطلقات في العالم العربي، اللواتي يواجهن ضغوطًا نفسية واجتماعية جراء النظرة الاجتماعية الغالبة للطلاق على أنه دليلاً لفشل المرأة دون الرجل في بناء عائلة.
وعن هذا يقول د. محسن شعلان -أستاذ الطب النفسي- إن "المطلقة غالبًا ما تشعر بتفككٍ نفسي داخلي وصدمة بسبب شعورها بأنها مرفوضة سواء من زوجها الذي طلقها وتركها أو أصدقائها وأهلها الذين يلومونها ويحملونها سبب فشل الزواج.. رغم أنها قد لا تكون السبب".
ولمواجهة المشاكل التي تتعرض لها النساء بعد الطلاق اقترحت دراسةٌ عربيةٌ عددًا من الحلول في مقدمتها ضرورة اندماج المرأة في المجتمع بتكوين صداقات جديدة، والاشتراك في مؤسسات المجتمع المدني سواء جمعيات أهلية أو نوادٍ اجتماعية، والتركيز في رعاية أبنائها، والعمل على تربيتهم وتعليمهم كما ينبغي، بالإضافة لحل الزواج مرةً أخرى متى توافر الشريك المناسب مع الحرص على التدين من خلال أداء الفروض، والتقرب إلى الله بالطاعات.