الشبهة الخامسة
قولهم لأهل التوحيد: أنتم تنكرون شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
جواب الشبهة الخامسة
اعلم بأننا لا ننكر شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نتبرأ منها، بل هو صلى الله عليه وسلم ، الشافع المشفع وأرجو شفاعته، ولكن الشفاعة كلها لله، كما قال تعالى: ((قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً)) [سورة الزمر:44].
ولا تكون إلا من بعد إذن الله كما قال عز وجل: ((مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)) [سورة البقرة:255] ولا يشفع إلا من بعد أن يأذن الله فيه كما قال عز وجل: ((وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى)) [سورة الأنبياء:28].
والله لا يرضى إلا التوحيد كما قال عز وجل: ((يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ)) [سورة آل عمران:85].
فإذا كانت الشفاعة كلها لله، ولا تكون إلا من بعد إذنه، ولا يشفع النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره في أحد حتى يأذن الله فيه، ولا يأذن إلا لأهل التوحيد، فاطلب الشفاعة من الله، فقل: اللهم لا تحرمني شفاعته، اللهم شفعه في، وأمثال هذا.
الشبهة السادسة
قولهم: أن الله أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة، ونحن نطلبه مما أعطاه الله.
جواب الشبهة السادسة
اعلم أن الله أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة ونهانا عن هذا فقال: ((فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً)) [سورة الجن:18].
واعلم أن الله سبحانه وتعالى أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة ولكنه صلى الله عليه وسلم لا يشفع إلا بإذن الله، ولا يشفع إلا لمن ارتضاه الله، ومن كان مشركاً فإن الله لا يرتضيه فلا يأذن أن يشفع له كما قال تعالى: ((وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى)) [سورة الأنبياء:28].
واعلم أن الله تعالى أعطى الشفاعة غير النبي صلى الله عليه وسلم، فالملائكة يشفعون، والأفراط يشفعون، والأولياء يشفعون.
فهل نطلب الشفاعة من هؤلاء؟
فإن كنت تريد من الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة فقل: ((اللهم شفع فيَّ نبيك محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
وكيف تريد شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تدعوه صلى الله عليه وسلم مباشرة، ودعاء غير الله شرك أكبر مخرج من الملة.
الشبهة السابعة
قولهم: نحن لا نشرك بالله شيئاً ولكن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك.
جواب الشبهة السابعة
اعلم أن الله حرم الشرك أعظم من تحريم الزنا، وأن الله لا يغفره، فما هو الشرك؟
فإنهم لا يدرون ما هو الشرك ما دام أن طلب الشفاعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بشرك، وهذا دليل على أنهم لا يعرفون الشرك الذي عظمه الله تعالى وقال فيه: ((إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) [سورة لقمان:13].
فكيف تبرؤون أنفسكم من الشرك بلجوئكم إلى الصالحين، وأنتم لا تعرفونه، والحكم على الشيء بعد تصوره، فحكمكم ببراءة أنفسكم من الشرك وأنتم لا تعلمونه حكم بلا علم، فيكون مردوداً.
ولماذا لا تسألون عن الشرك الذي حرمه الله تعالى أعظم من تحريم قتل النفس والزنا وأوجب لفاعله النار وحرم عليه الجنة، أتظنون أن الله حرمه على عباده ولم يبينه لهم حاشاه من ذلك.
الشبهة الثامنة
قولهم: الشرك عبادة الأصنام ونحن لا نعبد الأصنام.
جواب الشبهة الثامنة
اعلم أن عباد الأصنام لا يعتقدون أنها تخلق وترزق وتدبر أمر من دعاها، وإن القرآن يكذب من قال أنهم كانوا يعتقدون غير ذلك.
وأن عبادة الأصنام هو من قصد خشبة، أو حجراً، أو بنية على قبر أو غيره، يدعون ذلك ويذبحون له ويقولون إنه يقربنا إلى الله زلفى ويدفع الله عنا ببركته أو يعطينا.
وأن فعلكم عند الأحجار والأبنية التي على القبور وغيرها هو نفس فعلهم، وبهذا يكون فعلكم هو عبادة الأصنام.
وقولكم: الشرك عبادة الأصنام، هل هذا يعني أن الشرك مخصوص بهذا، وأن الاعتماد على الصالحين ودعاءهم لا يدخل في ذلك؟
فهذا يرده ما ذكر الله في كتابه من كفر من تعلق على الملائكة أو عيسى أو الصالحين.