المؤمن كالغيث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
:
الساعة تقريبا الثالثة ونصف ليلاً ..
دخلت للنت
لأراجع بريدي حيث أنني انتظر رسالة مهمة ..
لأفاجأ بمحادثة فورية
تنتظر الرد في هذا الوقت المتأخر ولا متأخر في عرفنا كإنترنتيين
!!
--------------------
رددت السلام عليه
..
قال لي ترى أنا طفل صغير وعمري ثلاث عشر سنة.. وعندي مشكلة قلت
الله يحييك تفضل بني ..
فقال لي أشتكي من شرود ذهني في الصلاة
..
وأتعب من تلاوة القرآن الكريم في المنزل ..
وبدأ
يسرد لي مشكلة ..
ثم تطرق لقصة مؤلمة .. تخيل أنه ابنك وبنتك وعش
معي هذه القصة كما ينبغي أن تعاش ..
قال لي أنا أخاف من محادثة
الناس .. !!
وتفاقمت هذه المشكلة معي من فترة طويلة لمدة سنتين
..
حتى فقدت لساني إلا من أخت لي فقط ..
ولا أحدث
أحدا غيرهم ..
بني !! والداك .. ؟؟ هل تحادثهم ؟
قال
لي أما والدي فشديد علي وربما يضربني ودائما يشتمني – رغم أن الطفل شديد التهذيب
–
لكن غفر الله لبعض الآباء ..
وربما مشاكلنا في
البيت متزايدة ووالدتي أصيبت بالاكتئاب ..
والبيت مزعج بسبب ذلك
..
المهم فقدت النطق والتفاعل ..
فالبيع عنده – على
ذلك – بيع معاطاة ( يعني بالفعل دون القول )
لا يحادث أحدا ولا
يخاطب إنسانا حتى والديه أما والده فلا يتكلم معه خوفا منه
..
ووالدته .. يقول لي إذا تكلمت معها أخاف جدا وأكاد أبكي .. من
الرعب أخاف أخطئ ..
وأمه حنونة وغير عنيفة لكن أصاب هذا الابن حالة
شبه نفسية ..
ولعلها الرهاب الاجتماعي ...
طيب ؛
ماذا عن المدرسة ؟
قال : قليل المشاركة ودائما تنقص علي درجات رغم
أني متفوق ..
لقلة مشاركتي فأتميز فيما ليس فيه قراءة عامة أو غيرها
..
طيب ؛ ماذا عني كيف تكلمني الآن وأنت لا تحب الكلام
..؟
قال عبر الشات نعم لا إشكال لكن لا تقول لي هاتف أو صوتي
؟
قلت له ما رأيك لو أعطيتني رقم جوالك واتصل عليك بنفسي .. هاه ما
رأيك وأنا جاد ؟
قال مستحيل ؛ وأنا أصلا ليس عندي جوال ؛ لهذه
المشكلة ؟؟
والدتي ما تحادثت معها ؛ تريدني أتحادث معك
..؟
فحاولت معه بكل ما أملك من إغراء ؛ فأظهر لي فزعا شديدا من ذلك
وظهرت لي أعراض مشكلته
من تلعثم شديد وارتباك في المحادثة واضح
؟؟
فأدركت خطورة مشكلته .. وأنا معضلة تحتاج لمساعدة عاجلة حالة لا
تتأخر فالابن سيفقد بعد
فترة ثقته تماما .. وسيعسر علاجه
..
وقال لي لا تتعب نفسك عرضوني على أخصائيين نفسيين و فلان وعلان
..
قلت له : خير الآن الآن ستنطق بإذن الله .
الساعة
الآن – أصبحت الرابعة فجرا ودقائق –
ووفقني الله لحل وتعبت في
إقناعه وهي أن أتصل به عبر الماسينجر – صوتيا- وأن لا يتكلم معي
فقط
يسمع وأنا أتكلم ...!!
وافق على مضض وخوف شديد واضح
..
وفعلا تم الاتصال ولا أسمع إلا صوت أنامله المتعرقة – كما بدى لي
في ذهني –
تضرب بخوف على لوحة المفاتيح حيث كان يرد علي كتابيا فقط
..!!
سلمت عليه .. عله يرد فرد علي السلام بالكتابة
!!
قلت له لو عندنا مقياس لدرجة الخوف فكم تعطي نفسك من واحد لعشرة
..؟
قال لي – النتيجة المؤلمة – : تسعة !!
قال والله إني
بأبكي خاااااااااايف مرعووووب!!
هكذا كتب لي .
تنهدت
ثم بدأت بالحديث له عن أهمية العلاج ورحمة الله بالانسان وأن كثرة الاطباء يعني أن
الأطباء ربما لا يوفقوا ..
لكن هناك من لا يخطئ العلاج ..
!!
ثم أمرته أن يضع يديه على فخذيه ولا يرد وبصوت هادئ جدا مناسب
لذلك الوقت المتأخر ثم قلت له :
ردد معي جملة جملة
:
اللهم يا أكرم من سُئل ..
ويا أجود من أعطى ...
ويا
أرحم من ملك ...
أسألك باسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت وإذا دعيت به
أجبت ..
يا أحد يا صمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد يا بديع
السماوات والأرض يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا الله يا رحمن يا رحيم يا
ملك يوم الدين ..
يا رب .. لا تردني خائبا ولا عن بابك محروما
..
اللهم أطلق لساني .. اللهم أطلق لساني .. اللهم أطلق لساني
..
وسكت برهة .. في لحظات إيمانية لا تنسى ..
ثم
سألته كيف تجدك الآن ؟؟ قال : الحمد لله أشعر براحة ..
قلت له كم
درجة خوفك الآن من عشرة ؟
قال : ستة .
قلت له : بل
اثنين .. لأن الله رحيم ونحن الآن في ساعة إجابة غفل عنها كثير من الناس
..
ففيها تقضى الحاجات وتكشف الكربات وتفك فيها رقاب – لو أحسنا
استغلالها-
وسأثبت لك أن الله استجاب .. وأن اليقين بإجابة الله
يصنع الأعاجيب .. فأثبت الآن أن الله بك رحيم .. وأن الله قادر .. وثق يقينا أني
سأسمعك يوما خطيبا تهز المنابر أو محاضرا تبكي الملايين وترقق قلوب العالمين
!!
ليكن أول كلمة سأسمعها منك الآن .. هي ذكر الله .. شكرا لله أن
رد لك هذه النعمة – وأنا لم أسمع منه قبل كلمة –
قل معي – بصوت
المؤمن الموقن السعيد برحمة الله –
قل بصوت عميق هادئ : سبحان الله
...
هيا .. أظهر نعمة الله عليك .. وحتى تعرف نعمة ساعة الاجابة
الذي منعك من الكلام لسنتين سيزول بدعواتنا هذه والتي لن يخيبها الله
..
سمي الله وردد معي : سبحان الله ...
فأنطق الله
لسانه من بعد سنتين من الصمت مع غريب وليس مع أهله – بفضل الله
–
فقال بصوت مهزوز جدا .. يخفي وراءه طفولة وصوت صغير جدا
..
سبحان الله ..
قلت له : ما شاء الله .. زد معي
وأشكر ربك الرحيم ..
الحمد لله .. والله أكبر ..
لا
حول ولا قوة إلا بالله ..
وهو يردد معي .. وأنا أكاد أطير فرحا بهذه
النعمة ..
قلت له : ألف مبروك الآن كم درجة قوتك من واحد لعشرة
؟؟
فرد علي : مئة .. !!
قلت له الحمد لله
.
ثم تحادث معي محادثة صغيرة تناسب لسانا لم يتحدث منذ سنتين
!!
يخبرني أنه كلم .. والدته في اليوم التالي
..
فقالت له : سبحان الله هذه معجزة .. لا أصدق
..
يقول حبيبنا .. : صنعت لي حلوى بهذه المناسبة ..
!
وذهبت لأبي أبشره فقال لي : عجيب طلع لك لسان
!!
وأنظر لرده غفر الله له وهداه ..
واللطيف أن هذا
الابن أرفق عبارة والده بوجه ضاحك تعبيري : )
لأفاجأ بطفل يحمل في
طياته ما عجبت منه ..
موهبة متنقلة وعبقري ورسام وشاعر وأديب ..
!!
ما شاء الله لا قوة إلا بالله ..
وقد أرسل لي قصة
ومقال كتبهما هذا الطفل .. وكدت أن أكذبه لولا أني أعرفه وأنه
أديب
وسأضع منها سطرا بين يديك لتحكم ..
وأقول لكم
مداعبا – أخشى أن تنسوا المؤمن كالغيث وتذهبوا للمؤمن كالغيث
الصغير–
كنت أسير كعادتي بين حنايا عالمي أزور حانات نسجتها في
دماغي واسمع ترانيم وألحانا مما يريحني .. هدوء .. راحة .. سكينة .. فهذا مايسعدني
.. ترى اختلاف تعابير وجهي بين التفاؤل والأمل بين الابتسامة والضحك بين الذهول
والفرح .. أرى هذا الفناء وتلك الحدائق ... أجلس بين أحبتي .. الصفاء والإخلاص
الأمل والوفاء الابتسامة والحنان الإخاء والصداقة المحبة و البراءة الشوق التفاؤل
.. الأمنيات والأحلام الجميلة ... هؤلاء أحبتي
وفيما أنا وسط عالمي لا شيء يكدر
خاطري ...)) الخ
وختمها برسمه .. لا أبالغ في أنها لو نزلت
في معرض للرسم .. فلا إشكال في أنها مذهلة الصناعة والرسم
جدا..
وعرضت مقالاته على صاحب موقع معروف وهو موقع دمعة ندم وذهل
جدا ..
www.tasamym.comواستعد لافتتاح صفحة خاصة
باسم هذا الطفل الداعية الذي سأقدمه قريبا بمقالاته
الرائعة
وستتابعونه قريبا ..
ولا تنسوه من دعواتكم
الطيبة .. بأن يصلح الله له حاله ويشفيه ويصلح له والده ويهيئ له كل خير
..
إضاءة :
جاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح : قال عبد
الله بن الإمام أحمد لأبيه يوما أوصني يا أبت ، فقال:
" يا بني انو الخير
فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير "
المؤمن
كالغيث
www.ebadarahman.com/ade2006