واجهت صعوبة مهنة التغسيل
موتى يبعثون الأمل في حياة أردنية
دائمًا ما يستمد الأمل من الحياة، أما أن يستمد من الموت، فهذه هي المفارقة والتجربة التي تعيشها الحاجة الأردنية "زكية العمايرة" من خلال ممارستها لمهنة تغسيل وتكفين الموتى.
فلم تكن تعلم زكية ابنة الثامنة والخمسين عامًا أن هذا العمل سيغير حياتها رأسًا على عقب، فمن إنسانةٍ تبحث عن الدنيا ومتاعها الفاني الى شخصيةٍ تأمل في الآخرة ومتاعها الدائم من خلال تحقيق مرضاة الله عز وجل.
وعن هذا تقول في تصريحاتٍ لصفحة الأمل بموقع mbc.net: "كنت أنظر للحياة على أنها عمل وعيش كريم وحياة سعيدة، إلا أن نظرتي هذه تغيرت كليًا، فأي عمل هو لله تعالى، والدنيا ليست إلا دار ممر، وهي بالحقيقة لا تعلق بذهني نهائيًا، فقد فرغت عيناي من كل شيء إلا الآخرة".
هذه النظرة الجديدة للحياة لم تكتسبها الحاجة "زكية" إلا من خلال رؤيتها للموتى ومناظرهم على مدار 22 عامًا، أما أول مشاركة لها بهذا العمل فكان بالتحديد عندما بلغت الـ (25) عامًا من عمرها، حيث أصرَّت عمتها على أن تحضر تغسيل جدتها.
وعن شعورها بعد هذه المرة تقول: "كان شعوري صعبًا، كونه أول مرة بحياتي أرى ميتًا وجثة، وخاصةً أنها لشخص عزيز جدًا على قلبي لجدتي لقد كنت خائفة جدًا وحزينة كذلك".
وبعد أن تزوجت أخبرت زوجها بحضورها غسل جدتها، فما كان منه إلا أن أبدى رغبته في أن تستمر في هذا الأمر، وبالفعل واصلت ممارسة هذا العمل الذي مرت فيها بالكثير من المواقف الصعبة.
أصعب المواقف
وتصف شعورها بعد هذه العودة بقولها :" كانت البداية بالنسبة لي صعبة للغاية، خاصةً عندما كنت أتعامل مع الحوادث، فهي مخيفة للغاية لأن منظرهم يكون غير طبيعي، وكذلك حوادث الحريق حيث يكونون على غير حالتهم الطبيعية، لكن الحمد لله رب العالمين، فقد تغلبت على هذا الأمر".
وفيما يتعلق بأصعب المواقف التي مرت بها خلال ممارسة هذا العمل فتقول: "عشرات القصص تمر على مسامعي مرور الكرام، ولكن الذي يعلق بذهني هو ما أراه .. خاصةً عندما قمت بتغسيل جثة عروسٍ مضى على زفافها ثلاثة أيام فقط، حيث تعرضت لحادث سيارةٍ وهي تقضي شهر العسل".
وتقرّ الحاجة زكية بأنها تشعر بالضيق جراء نظرة البعض لها كأنها ليست إنسانة.. وأن عملها شيء حقير.. كُثر هم أولئك الذين لا يعتبرونها من قائمة الناس والبشر لدرجة أن البعض طردها من المنزل!
ولكن رغم كل الصعوبات الملازمة لتلك المهنة، إلا أن الحاجة زكية تعتبرها الشيء الذي غيَّر نظرتها للحياة، فقد نقلها من الطمع في متاع الدنيا "الزائل" إلى الأمل في الآخرة ونعيمها الذي لا يزول.