يأمل في تأسيس جامعة لهم
مصري يعالج الصمّ ويؤسس أول جمعية لخدمتهم
جمعية للصم
استطاع أن يعيش في عالم لا صوت فيه ولا كلام.. عالم تتحكم فيه لغة الإشارة.. فكانت عيناه له صوتا وعقله لسانا يتحدى عالم الصمت، حتى أصبح تامر أنيس أول مهندس لا يسمع ولا يتكلم، ورئيس أول جمعية أهلية للصم والبكم تمكنت من إنجاز أول قاموس بلغة الإشارة في مصر.
تامر أوضح أنه لم يتخيل يوما أن دواءً خاطئا يعطيه له الطبيب يمكن أن يدخله في عالم الصمت دون اختيار، ويفقده السمع والكلام، ليحاول الالتحاق بإحدى مدارس الصم والبكم.
ولكن والدته رفضت هذه الفكرة، وأصرت أن يتعلم القراءة والكتابة مثل بقية أصدقائه من الأسوياء، فكان والده يشتري له المجلات والجرائد ويحاول تعليمه القراءة والكتابة، إلا أنه وجد صعوبة في ذلك.
ومع الإصرار استطاع تامر أن يتعلم الحساب والرسم، لكنه لم يتمكن من تعلم اللغة العربية؛ فهي بالنسبة له مجرد حروف فقط لا يفهم معناها، ومن هنا اضطرت والدته لإلحاقه بمدرسة للصم؛ كي يكمل تعليمه الذي بدأه بجهود ذاتية، ولكن هذه المدرسة أغلقت بسبب نقص التمويل.
ولذلك قرر تامر أن يتعلم في المنزل، فبدأ في قراءة كتب اللغة العربية والحساب للمرحلة الابتدائية بمعاونة والده الذي توفي فجأة، لتظلم الدنيا أمام عينيه ليعيش في محيط مظلم وصامت عزله عن الدنيا.
وهنا أدرك تامر أنه لابد أن يكمل مشواره التعليمي، إلا أنه كان مضطرا لأن يبحث عن عمل كي ينفق منه على تعليمه ووالدته المسنة، فعمل في مهنة "النجارة".
وبجانب عمله في النجارة التحق بإحدى المدارس الثانوية الصناعية الليلية، فكان حبه الشديد وولعه بالهندسة والرسومات يدفعه للمزيد من الاطلاع على كل ما يتعلق بهذا المجال.
وبالفعل استطاع تامر أن يجتاز المرحلة الثانوية بنجاح باهر، حيث حصل على المركز الثالث على مستوى الجمهورية، وأراد بعد هذا النجاح أن يلتحق بكلية التربية لكنها رفضته، لأنه أصم وحولت أوراقه إلى كلية الفنون التطبيقية التي وجد فيها ملاذه، حيث أكمل دراسته فيها بتفوق ليحرز المركز الثالث على دفعته، غير أنه لم يتمكن من العمل معيدا بالكلية لنفس السبب الذي رفضته من أجله كلية التربية.
جمعية للصم
وبعد التخرج واجه تامر صعوبات بالغة لرفض أصحاب الأعمال تشغيله لاقتناعهم بأنه يحتاج لوقت وصبر كبير كي يتمرس على العمل.
ولمواجهة هذه المشكلة فكر تامر في إنشاء جمعية للصم والبكم مع مجموعة من أصدقائه؛ ليستطيعوا حل المشكلات التي تواجههم، لتصبح إشراقة الأمل وشعاع النور لهذه الفئة في الحصول على حقوقهم.
وحققت الجمعية إنجازات كثيرة خدمت الصم والبكم، في مقدمتها أنها أتمت عمل أول قاموس للإشارة بمصر، ووفرت عددا كبيرا من المترجمين للغة الإشارة لحل مشاكل الصم والبكم في المؤسسات.
وإلى جانب تقديم الجمعية دعما ماديا لبعض الأسر الفقيرة من الصم، فقد أقامت مشروعا لتنمية المعاقين وعمل منبهات خاصة بهم تعمل بالاهتزاز بتكلفة منخفضة، بالإضافة إلى تحويل منهج محو الأمية إلى لغة الإشارة؛ لكي يستطيعوا تعليمه للصم والبكم.
ولم تقتصر طموحات تامر على ما حققه، حيث يأمل في أن يتم إنشاء جامعة لتعليم الصم والبكم، على غرار الجامعة التي أقيمت في الولايات المتحدة لهذا الغرض. كما يأمل في أن يكون هناك أكثر من قناة تلفزيونية خاصة للصم والبكم، حتى يستطيعوا التواصل مع المستجدات من خلالها.