كفيف ينحت الموبيليا.. ويستعد لعباءة المحاماة
محمد الشغنوبي - mbc.net
"إن الأعمى هو مَن عميت بصيرته وليس بصره" .. هذا هو الشعار الذي رفعه محمد رفاعي وسار على دربه منذ أكثر من ثلاثين عاما بعد أن فقد بصره حتى صار أول نجار موبيليا كفيف في مصر.
فقد ولد رفاعي لأب من أمهر صُناع الموبليا في منطقة الدرب الأحمر العتيقة بالقاهرة، وداخل ورشة أبيه تعلم أصول هذه المهنة وأسرارها، وفي وقت قصير أتقنها حتى أصبح ممن يشار إليهم بالبنان فيها رغم حداثة سنه.
وإلى جانب احترافه لنجارة الموبليا التي ذاع فيها صيته واصل رفاعي دراسته حتى حصل على دبلوم فني واختار شريكة حياته التي كوَّن معها أسرته الصغيرة.
لكن الأقدار لا تأتي دائما بما نشتهي، ففي الوقت الذي اقترب فيه رفاعي من تحقيق حلمه في تطوير ورشة أبيه وتوسعة نشاطها حتى تغزو بإنتاجها الأسواق كان مرض "الجيلكوما" قد عرف طريقه إلى عينيه، وما هي إلا سنوات قليلة حتى تسبب في أن يفقده بصره تماما.
وأمام هذه الظروف لم ييأس محمد أو يستسلم لسطوة الإعاقة وينسى كل ما حققه من نجاح في صنعته، بل راح يحاول ممارسة عمله بشكل جديد وذلك بالاعتماد على حواس بديلة كاللمس وعمق الإحساس.
وكانت تجربته الأولى في ممارسة المهنة بعد أن راح بصره هي عمل أثاث شقة ابنته التي أبهرت كل من شاهدها، ليواصل عمله على أثرها كباقي نجاري الموبليا الأسوياء.
أول محامٍ
نجاح رفاعي في ممارسة مهنته كنجار موبليا رغم فقده لحاسة البصر كان حافزًا جديدًا له كي يحقق حلمه القديم في استكمال تعليمه الجامعي، فراح غير عابئ بسنوات عمره التي تجاوزت منتصف العقد السادس أو إعاقته في بصره يقدم أوراقه للالتحاق بكلية الحقوق جامعة القاهرة.
وبنشاط وجد انتظم في الحضور معتمدًا على الله ثم على نفسه وزملائه الذين اكتسب ودَّهم واحترامهم ليصبح الآن أحد أشهر طلاب الفرقة الرابعة بالكلية وواحدًا من المتفوقين بها.
والآن وقبل شهور من تخرجه يحلم رفاعي باليوم الذي يفتح فيه مكتبًا للمحاماة، ليصبح محاميًا يدافع عن الحق فقط في ساحات القضاء.
ووسط دوامة انشغاله بمهنته ودراسته رغم أعباء الإعاقة إلا أن رفاعي أيضا أب ناجح، لم يبخل على أبنائه بالتربية والتعليم حتى صار نجله الأكبر محاميًا له مكتبه الخاص، أما الثاني فتخرج من كلية الهندسة ليصبح مهندس كمبيوتر