وخير ما أختم وألخص به هذا البحث البسيط فيما وفقني إليه الله والعظيم في موضوعه هو قول الإمام يحيى بن يوسف الصرصري الأنصاري إمام الفقه واللغة والسنة والزهد والتصوف:
واهاً لفرط حرارة لا تبرد *** ولواعج بين الحشا تتردد
في كل يوم سنة مدروسة *** بين الأنام وبدعة تتجدد
صدق النبي ولم يزل متسربلاً *** بالصدق إذ يعد الجميل ويوعد
إذ قال يفترق الضلال ثلاثة *** زيدت على السبعين قولاً يسند
وقضى بأسباب النجاة لفرقة *** تسعى بسنته إليه وتحفد
فإن ابتغيت إلى النجاة وسيلة *** فاقبل مقالة ناصح يتقلد
إياك والبدع المضلة إنها *** تهدي إلى نار الجحيم وتورد
وعليك بالسنن المنيرة فاقفها *** فهي المحجة والطريق الأقصد
فالأكثرون بمبدعات عقولهم *** نبذوا الهدى فتنصروا وتهودوا
منهم أناس في الضلال تجمعوا *** وبسب أصحاب النبي تفردوا
قد فارقوا جمع الهدى وجماعة الإ *** سلام واجتنبوا التقى وتمردوا
بالله يا أنصار دين محمد *** نوجوا على الدين الحنيف وعددوا
لم يبق للإسلام ما بين الورى *** علم يسود ولا لواء يعقد
علقوا بحبل الكفر واعتصموا به *** والعالقون بحبله لن يسعدوا
وأشدهم كفراً جهول يدعي *** علم الأصول وفاسق متزهد
وإذا سألت فقيههم عن مذهب *** قال: اعتزال في الشريعة، يلحد
كالخائض الرمضاء أقلقه اللظى *** منها ففر إلى جحيم يوقد
إن المقال بالاعتزال لخطة *** عمياء حل بها الغواة المرّد
هجموا على سبل الهدى بعقولهم *** ليلاً فعاثوا في الديار وأفسدوا
صُمٌّ إذا ذكر الحديث لديهم *** نفروا كأن لم يسمعوه وأبعدوا
واضرب لهم مثل الحمير إذا رأت *** أسد العرين فهن منهم شردوا
والجاحد الجهمي أسوأ منهما *** حالاً وأخبث في القياس وأفسد
أمسى لعرش الرب قال منزهاً *** من أن يكون عليه رب يعبد
ونفى القرآن برأيه والمصحف *** الأعلى المطهر عنده يتوسد
وإذا ذكرت له على العرش استوى *** قال: هو استولى، يحيل ويخلد
فإلى من الأيدي تمد تضرعاً *** وبأي شيء في الدجى يتهجد
وبما ينزل جبرائيل مصدقاً *** ولأي معجزة الخصوم تبلد
جلت صفات الحق عن تأويلهم *** وتقدست عما يقول الملحد
لما نفوا تنزيهه بقياسهم *** ضلوا وفاتهم الطريق الأرشد
ويقول لا سمع ولا بصر ولا *** وجه لربك ذي الجلال ولا يد
من كان هذا وصفه لألهه *** فأراه للأصنام سراً يسجد
الحق أثبتها بنص كتابه *** ورسوله، وغدا المنافق يجحد
فمن الذي أولى بأخذ كلامه *** جهم أم الله العلي الأمجد
والصحب لم يتأولوا لسماعها *** فهم إلى التأويل أم هو أرشد
هو مشرك ويظن جهلاً أنه *** في نفي أوصاف الإله موحد
يدعو من اتبع الحديث مشبهاً *** هيهات ليس مشبهاً من يسند
لكنه يروي الحديث كما أتى *** من غير تأويل ولا يتردد
وإذا العقائد بالضلال تحالفت *** فعقيدة الهدّيِ أحمدَ أحمدُ
هي حجة الله المنيرة فاعتصم *** بحبالها لا يلهينك مفسد
ابن ابن حنبل اهتدى لما اقتدى *** ومخالفوه لزيغهم لم يهتدوا
ما زال أحمد يقتفي أثر الهدى *** ويروم أسباب النجاة ويجهد
حتى ارتقى في الدين أشرف ذروة *** ما فوقها لمن ابتغاها مصعد
نصر الهدى إذ لم يقل ما لم يقل *** في فتنة نيرانها تتوقد
ما صده ضرب السياط ولا ثنى *** عزماته ماضي الغرار مهند
فهناه حبٌ ليس فيه تعصب *** لكن محبة مخلص يتودد
وودادنا للشافعي ومالك *** وأبي حنيفة ليس فيها تردد
وأخيراً: أرجو من الله عز وجل أن أكون قد وفقت في هذا البحث وأقنعت من كان في باله هذا السؤال أو من كان يصول ويجول وتتخبط أفكاره حول هذا السؤال.
وأن أكون قد أجبت عن الأسئلة التي تدور في ذهن من يريد الله والمعرفة حول هذا الموضوع.
وأن يكون هذه البحث مقبول عند الله عز وجل، ويطرح لي القَبول عند أهل العلم، والقبول عند العوام، وأن يكون لي صدقةً جاريةً إلى يوم الدين، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين....
وكتبهـا
العبد الفقير محمد عارف الأرناؤوط أبو دُجانة
في 7 شعبان 1425
الموافق ل 21 أيلول 2004
----------------------
المراجع:
- كتاب شرح العقيدة الطحاوية.
- تفسير ابن كثير.
- العقيدة الواسطية.
- لسان العرب.
- القواعد المثلى لابن عثيمين.
- اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية لابن فيم الجوزية.
- البداية والنهاية لابن كثير.
_ منهاج أهل السنة والجماعة لابن عثيمين للشيخ النعماني الأثري.
_ الأسماء والصفات للذهبي.
ـ تفسير الطبري.
-الإبانة في أصــول الديانة